vendredi 15 août 2014

جمهورية الوفاق الوطني





كلمة كازاخ في اللغة التركية القديمة ,تعني حر و مستقل

و يعبر ذلك عن طبيعة شعب كان يتطلع طوال تاريخ

وجوده إلى كيان حر و مستقل.

و تلاحقت قرون المعاناة على الشعب الكازاخي, ففي القرنين

السابع عشر و الثامن عشر تعرصت البلاد لهجمات شرسة

و مستمرة من قبائل "جونغار " في غرب الصين بتحريض

من الحكام الصينيين , إلا أنه بفضل المقاومة البطولية

التي استمرت حوالي قرنين ضد القوى البربرية المتفوقة

و بفضل قيادة و حكمة أبطال الكازاخ, تمكن الشعب الكازاخي

من تجنب الإبادة الجسدية الكاملة التي استهدفت الأمة


تجرع شعب الكازاخ عن بكرة أبيه كأس
الشمولية المرة .

و في ثلاثينيات القرن العشرين , و عقب تطبيق سياسة
التعاونيات الزراعية, مات ما يفوق ثلاثة ملايين كازاخي
نتيجة للمجاعة .

أي خمسين في المائة من تعداد السكان ,و هاجر مئات الآلاف
إلى الصين و دول أخرى , و تعرض خيرة ممثلي الشعب
للإضطهاد و الإعدام .

و لم تكتف الشيوعية بذلك , بل إنها حولت كازاخستان
إلى محطة و ميدان للتجارب النووية التي كانت تقوم بها
الدولة السوفياتية , و كان لهذه التجارب أثر سيء
على هذا الشعب المسلم .


في عام 1989 تأسست حركة شعبية
مناهضة , استطاعت في أيامها الأولى جمع أكثر من
مليون توقيع على قرار إنهاء وجود المعامل النووية
السوفياتية , على الأراضي الكازاخية .

و سميت هذه الحركة NEVADA-SEMIPALATASINK
و كانت فكرة تأسيسها تعود للشاعر الكازاخي
أولجاس سليمانوف صاحب هذه الأبيات :

خذوني إلى أبعد سفر

أظهروا لي رحابة الكون

ليس هناك حمقى في الأرض

لكنهم أذكياء فقط

وأحسن التوازن في الطريق

فإذا تذكرت أحدهم

أو اكتويت بفراق أحدهم

اضرب على يديك بقوة

اضرب على تاريخك بقوة

أو بموسى قطع الثدي القاتل

و اسقط على الأرض

و لا تنسى أن تموت.


تمكن أولجاس سليمانوف من تحريك
دواليب NEVADA-SEMIPALATASINK في كل
من اليابان, و كندا, و أمريكا, و أستراليا, و عدة دول
أخرى , حتى اعتبرت اليونسكو أن هذه الحركة
منقدة للإنسانية .

يقول سليمانوف :

منظر جميل تحت القمر

لكن هو بالشمس أرضى

يثبث عدوه بعينيه

و يضحك و يقسمه نصفين

و يجمعه في قمامة

في كل سطح الشاي جاهز

الخبز الطري و الفراش

و الوصال غير مأمول

فالرجل أعمى و أطرش

ضموا إلي أيديكم

فنحن سعداء

بوجوه مشوهة

هذا أمر محبط ولكن...


في بداية استقلال كازاخستان عن الإتحاد السوفياتي
استفردت هذه البلاد ,بنموذج نادر من الوفاق الوطني
في الجمهورية , 

ودونه كان مستحيلا تحقيق أي نجاح
في بلد معقد للغاية من الناحية الديموغرافية و العرقية
حيث كان عدد الشعب الكازاخي الأصلي لا يتجاوز
عدد الشعوب الأخرى في الجمهورية.

و لكن الجمهورية, نجت و صمدت بفضل لحمة الشعب
و ذاكرته المشتركة , و تعيش كازاخستان بنظام الحزب
الواحد الذي يقوده نور سلطان نزارباييف الموالي للغرب
إذ اشترط نسبة سبعة في المائة لدخول الأحزاب إلى
البرلمان في انتخابات 2007



..شخصية برنهارد العنيدة الجمال





توماس برنهارد صاحب تجربة إنسانية عميقة,ومعارفغنية ,تستطيع إلهامنا فن الحياة,و تحفزنا في أحيانكثيرة ,على الظفر بقيود جمة,و عشق كتاباته يمنحناباستمرار لذة و جمالا متجددين.فهو الكاتب الذي بمستطاعه إثارة المعارك الساخنة,و النقاشات العاصفة ,و الضغائن أيضا,و الخجل دائما.احتفالا بمرور مائة عام , على تأسيس مسرحburgtheatre في فيينا, تم تقديم مسرحية لبرنهاردعام 1988 ,و تعتبر من أشهر آثاره و أكثرها صدامية,فأصداء ضجتها تجاوزت حدود النمسا,بعد أن أضحتو لسنوات فضيحة كبرى_أرقت كثيرا توماس برنهاردإذ وصل الأمر إلى حد البصاق عليه في الشارع ,و تهديده بالعقاب,كما فعل السياسي اليميني"يورغ هايدر",بعد أن اعتبر خائنا للبلاد.و قد عدها رئيس النمسا آنذلك,"كورت فالدهايم"إهانة كبيرة للشعب النمساوي.و قال عنها مخرجها الألماني "كلاوس بايمان":في برنامج تلفزيوني,إنها مسرحية صادمة جعلتالبلد كله يحبس أنفاسه.و اللافت أن المسرحية ,التي أحدثت عاصفةكبيرة من الرفض و الإدانة,لم يسبق لها مثيلفي تاريخ النمسا ,قد كتبت بلغة شعرية متقنةو شفيفة ,و شديدة الصفاء أيضا.و قد اعتمد فيها برنهارد, أسلوبه الشعري الموسيقي,الذي سار خصيصة أسلوبية برنهاردية ,تقوم علىالتكرار الفني و جمالية الإلحاح و المبالغة .و توماس برنهارد ,انصرف منذ بداية مسيرته الأدبيةإلى النبش في الزوايا المعتمة , لتاريخه الذاتي ,و تاريخ مدينته و بلاده ,مساءلة و تفكيكا فنيالذلك تطالعنا العديد من أعماله, السردية المسرحيةنصوصا طافحة ,بصور الذات ,والتاريخ, و الخيال .كما تنفتح هذه النصوص,في احتفاءها بالمحلي علىأسئلة الكوني و الإنسانيو سئلت ذات مرة,امرأة فييناوية مثقفة,عن برنهاردفأجابت, وهي مرتبكة و علا فجأة ,وجهها احمراركبير,أنها لا تحبه و لا تتحمله ,ثم انسلت هاربةكأرنب مذعور.و تنبع ريبة و كراهية العديد , من النمساويين لبرنهاردو خاصة اليمينيين و المحافظين ,من كون الرجلقد ذهب بعيدا,و على نحو جذري و صادم ,كما لميفعل أي كاتب نمساوي من قبله,في تعرية مساوئمجتمعه,و في إدانة تاريخه و حاضره و تناقضاته,و في كشف قبح سلطاته,و برنهارد يردد كثيرا , و فينصوص عديدة ,فكرة مفادها ,أن المجتمع النمساويو إن تخطى زمنيا ,فترة النازية ,لم يتغلب بعد علىذهنيتها, الثقافية و السياسية,التي لا تزال حاضرةمتمكنة فيه.و توماس برنهارد ,و إن انطوت بعض من نصوصهعلى حس سوداوي بالعالم,ليس كاتبا عدميا ,مثل ما استقبله البعض,و أدبه لا يقدم رؤية تشاؤميةمطلقة,إنه كاتب يقلب في رماد الحياة, حياتهالصعبة المستحيلة , عن نور ,و معنى و أفق.فالمأساة/الإشكالية عند برنهارد ,ليس فيما يؤولإليه الإنسان ,و إنما فيما يعجز عن تعلمه, في تلكالمآلات.و في روايته "قطع الخشب",التي قدم فيها برنهاردبأسلوب ساخر و ممتع ,زيف مشهد الفن في فيينا,و مآزق قيم الفنانين,و انحطاط علاقاتهم,مستنتجاذلك من تجارب شخصية,عاشها مع موسيقيينو كتاب.و اتخذ برنهارد مسافة واعية,و مستفزة أحيانا,منعدة مفاهيم,وقيم,وممارسات,كانت سائدةو لاتزال في النمسا,و خاض تجربة حياة فردية,مستقلة عن أطر السلطة,كما أنه قرر مقاطعة الدولة,و أكد ذلك رسميا في وصيته الشهيرة,التي أعلنفيها تصفيه الكامل ,من الدولة النمساوية,و منع كلعمل ثقافي يخصه داخلها,في حياته و بعد موته.و في روايته "السبب", يطرق توماس برنهارد ,ظاهرة الإنتحار,في مدينة "سالزبورغ",عبر سردأحداث صباه الأليمة,أثناء الحرب العالمية الثانية,التي كان شاهدا , على دمارها و هولها الكبيرين ,و يقدم لنا بأسلوب ,يجمع بين السرد و التحقيقو التصوير,قصة الإنهيار الدرامي ,للمدينة و الإنسانو كيف أثر كل ذلك في مجرى حياة الناس ,التياستحالت حصارا,و تجويعا,و تعذيبا,و يذهب الكاتبإلى أن الإنتحار ظاهرة ,تخلقها وحشية المجتمعو أنانيته,و تفاقمها علاقة أفراده ,المهزوزة و اللاإنسانيةو يرى أن ذلك المجتمع,يعمل بوعي و دونه,خاصةفي العائلة و المدرسة ,على تحطيم الطفل و سحقه,و ذلك بزرع ماكينة اليأس في داخله, ثم صيانتهابالتخويف, إلى أن يستحيل ذلك الطفل إلى ركامبشري. و رغم صيت توماس برنهارد,الذائع عالميا,فإن تعتيمانمساويا رسميا,غير مرئي عليه,و على إبداعهلايزال قائما,و في أحيان كثيرة ,بطرق مواربة مريبة,و برنهارد في نظرهم ليس نمساويا.أما الإبداعات البرنهاردية,فهي ذات مستوى فني فاره,و عنيدة الجمال كشخصية برنهارد.يقول برنهارد:الآن في الربيع
لم أعد أستطيع فهم لغة الحقول
و الموتى ينظرون إلي
بعيون كبيرة
و القمح يرغوو النهر يحدثني عن السماءحيث يضحك الأطفال
هنا بلدي أغرب عني
من كل بلدان الأرض

..الرؤية المستقبلية..عند فرانكل




فيكتور فرانكل, كان معتقلا في أحد معسكرات

النازية,أثناء الحرب العالمية الثانية ,و اكتشف في

مرحلة اعتقاله,أن بداخله طاقة ترفعه فوق ظروف

القهر و السجن,و كان إضافة إلى كونه معتقلا,

يقوم بمراقبة ما يدور داخل المعسكر .

و أخذ هذا العالم يسأل نفسه ,سؤالا مهما:

ما الذي جعل بعض الناس يصمدون أثناء هذه

التجربة المريرة و ينجون بينما سحقت الأغلبية ؟


و بحثا عن الإجابة بدأ فرانكل, يدرس المعتقلين

المتواجدين معه, في ضوء عدة عوامل شخصية

منها:


*الصحة الحيوية.

*هيكل الأسرة.

*الذكاء.

*أساليب البقاء.

و قد خلص فرانكل إلى أن ,كل هذه الأسباب لم

تكن هي السبب الرئيسي ,بل كان السبب الرئيسي

الذي اكتشفه, داخل الناجين من هذه المأساة ,هو

وجود الإحساس بالرؤية المستقبلية .

إذ سيطر على كل من نجح في البقاء يقينا,بأن له

مهمة في الحياة ,يجب استكمالها, و أن لهم مهام
حيوية مازالوا في حاجة إلى الإنتهاء منها


ظل فيكتور فرانكل ,يؤكد بأن التجربة الصعبة ,أو

الوقوع في الخطأ,و إن كان جسيما,لا يؤدي بالضرورة

إلى تغيير المسار ,و العثرة لا تصلح المشي ,بل قد

تدفع بالمزيد من العثرات .

و أن معظم الناس ,يبقون على ما هم عليه ,فيما

يتعلق بشخصيتهم ,و الجبناء الأنانيون,لا يتحولون

إلى شجعان كرماء.

فعند فرانكل,الإنسان الذي يستطيع أن يجيب على

التساؤل:


*لماذا أعيش؟

*من أجل ماذا أحيا؟

يستطيع أن يتوافق مع ذاته,و مع البيئة التي يعيش

فيها,يقول فرانكل:

=إن الشيء الذي لا يقتلني يزيدني قوة=

و يدخل هذا في إطار ,أسلوب العلاج الوجودي

في علم النفس ,و الذي قدم فيه الدكتور

فيكتور فرانكل, أعمالا كثيرة .



تزعم فيكتور فرانكل ,مدرسة العلاج بالمعنى

مصرا على دور الدين ,في تخليص الفرد من قلقه

و اظطراباته ,حيث يقول :

=و يمكن أن نقول أن اهتمام الإنسان بالحياة ,

وقلقه بشأن جدارتها,و حتى يأسه منها,لا يخرج

أحيانا عن كونه ضيقا معنويا روحيا ,و ليس بالضرورة

أن يكون مرضا نفسيا بحال من الأحوال.=

و هنا يكون تفسير هذا الضيق المعنوي ,أو الروحي,

على أنه مرض نفسي,هو ما يدفع الطبيب إلى أن

يدفن اليأس الوجودي ,عند مريضه,تحت كومة من

العقاقير المهدئة,ولكن مهمته هي بالأحرى ,أن

يقود المريض من خلال أزماته الوجودية ,إلى النمو

و الإرتقاء, في حين أن هذا الضيق ,لا, و لم, ولن,

يقترب من شخص واقف على أرض صلبة من

الإعتقاد الديني.​


يقول فيكتور فرانكل:

= إذا دخلنا غرفة مظلمة ,و خرجنا إلى النور,

فلا يهمنا إذا ظلت الغرفة مظلمة طول اليوم,

أو أسبوع أو عشرة آلاف سنة.

ما دمنا قد أصبحنا في النور.

و لا يهم كم لبثنا في المعاناة من عجزنا .

ما دمنا قد أصبحنا في حالة حب, و سعادة.

فدخولنا حالة الحب و السعادة ,هو بمثابة نور


ألغى الظلمة.